آية ليلة (23) : شريط مستقبلك أمام عينيك

بسم الله الرحمن الرحيم

(و مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلَى أرْذَلِ العُمْر)

شيئان في العالم يدهشني حد فقد الاحساس بمن حولي : عالم النمل و كبار السن !

لن اتحدث عن أصدقائي الوحيدين من عالم الحيوان “والذين لاأخاف منهم” .. سأتحدث عن الصنف المُبهر الآخر .

عندما أراهم فعلا أنبهر !
أنبهر بما فعل الزمان بهم ! خلف هذه التجاعيد جلد مشدود نضِر !
هذا الظهر الأحدب يحكى لي أنه حمل أثقالًا عظيمة !
هذا الشيب الأبيض غطى الرأس الذي كان مشتعلا بالسواد !
خلف هذه الهيئة الوهِنة دُفنت قوة صنعت لها تاريخًا يشهد عليها يوم عرضها .

للزمان عجائب !! هل سأكون يومًا مثلهم ؟ لا أتخيل نفسي في هذا الحال !!
مايرعبني ليس التقدم بالسن “بل أراه أمر ممتع حيث تستطيع قول ماتريده و سبّ من تريد في وجهه بدون أن يكون له الحق في الرد عليك” مايرعبني هو ماخلّفت في الدنيا وماقدّمت للآخرة قبل بلوغي هذا السن !

هل سأكون راضية عن نفسي ؟
هل سيذكرني أحد بالخير ويقال كانت في شبابها لها من الصفات و الأعمال الحسنة كذا وكذا، لاأريد ثناءًا فقط !!
أقصد أن أكون أثّرت في أحدهم وجعلت لو لشخص واحد ذكرى طيبة يدعو بها لي ..

كبار السن يجعلوني أتفكّر وأغرق في تفكيري .. ماذا صنعت وماذا سأصنع، أكبر دافع لي على التخطيط ووضع أهداف لحياتي، يجعلوني أرى شريط عمري المستقبلي بكل وضوح ومن دون آمال خداعة وأحلام وردية زائفة .

كانوا في مثل سنّي يقولون أن الحياة أمامهم طويلة ولديهم متّسع من الوقت إلى أن تداركهم الزمن ووقعوا في شِباك الشيخوخة .. كلهم يقولون أن العمر مرّ بهم سريعًا، هل سيمر بي كذلك أيضًا ؟

كبار السن هم خُلاصات الحياة، بتجاربها وخبراتها وتقلباتها وأحوالها .. اسألهم عن كل أمر ستجد عندهم جوابًا أو على الأقل رأيًا .. لأن دورة الحياة هي نفسها تعيد سيرتها على كل إنسان، فلا تعتقد أن ما يجري لك جديد ولم يجربه أحد !

كبار السن حكماء .. ليس لذكاءهم الخارق ! بل لخبراتهم التي صنعت حكمتهم “وهناك استثناءات بالطبع فبعضهم ولا 70 حياة ستجعلهم يدركون أتفه الأمور” .

كبار السن ينابيع من دروس في الحياة .. من لم ينهل منها فليقاسي من عطشها !

وبإمكانك من الآن أن تُقرر ماسيكون حالك عند كِبرك، بأوضاعك الصحية والاقتصادية والعائلية والاجتماعية، خطط لهذه المرحلة المهمة من الآن .

*هذه التدوينة من وحي رفقة جدتي أطال الله في عمرها على الصحة والعافية .

    • Roi
    • 26 أوت، 2011

    من أروع ماقرأت متعه حتى اخر كلمه شدني طريقة عرضك للموضوع وترابط مفرداته وسلاستها.. لاعدمناك () وربي يكتب لك الأجر بعدد أحرفك وضعف من قرأها يارب ..

  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق