آية ليلة (24) : تعرّف .. حب .. تغيير -1

بسم الله الرحمن الرحيم

(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنّتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)

كانت صورة رسول الله محمد صلى عليه وسلم في مخيلتي ضبابية لاتتجسدها هيئة محددة .. اتخيله كالريح المباركة التي تهدي وتعطي وتساعد .. شيء أقرب للخيال ، ولهذا بُنيَ حاجز بيني وبينه .. ضننته بعيدا عني ولن اتمكن من الاقتداء به (وإن فعلت) .. ضننت أن الملتزمين بالدين اختصوا به من دوننا بالعكوف بالمساجد وملازمة القرآن وقيام الليل كله !

إلى أن قرأت سيرته “كتاب هدي السيرة النبوية في التغيير الاجتماعي لحنان اللحام” .. عشت معه كل حياته من مهده إلى لحده صلوات ربي عليه .. كنت معه في طفولته وتجرعت مرارة يُتمه.. تعرفت على خديجة رضي الله عنها معه .. شهدت قصة حبهما وفرحتهما بأبنائهما .. انتفض قلبي معه في الغار حين نزول جبريل عليه السلام .. أحسست بحيرته من أمر هذا الدين .. أدمى قلبي مالاقاه من تعذيب .. دموعي تحرق وجنتي وأنا “أرى” قريش يتفننون في تعذيبه !

كنت معه حين خرج من مكة ضعيفاً منكسراً ، ورجع إليها بعد سنين بجيش يفوق عشرات الآلآف من أتباعه المؤمنين ..

رأيته بقلبي .. قوامه معتدل في الطول والعرض وجهه نيّر كأنه البدر مع حمرة في خديه وكحلة -ربانية- في عينيه ، شعره ناعم أسود يزيد جمال وجهه جمالا .. ويكمل حسنه ابتسامة لطيفه تملئ قلب من حوله حباً وتعلقاً فيه .. لا تقرأ كلامي هكذا !! اغمض عينيك وتخيله .. ستعلق صورته في مخيّلتك .. تخيله بهيئته هذه وهو واقف أمامك مُبتسم لك وعيناه عليك ونظراته مليئة بالحب .. يناديك .. يريدك أن تقترب منه .. يريدك أن تكون صاحبه .. يريدك أن تُصاحبه في الدنيا ليُصاحبك في الجنة .. ليمسك يدك عند الصراط ويأخذك معه للحوض

كنت معه وعلمت أنه كان يفكر فيني .. ويحمل همي .. كان يدعو الله ويبكي أن ينجيني من النار .. لم يبكي علي أحد غيره عند الله لينجيني من عذابه .. فقط أنا فعلت وهو فعل .. لأنه يحبني مثل حبي لنفسي بل أكثر !!
محمد أشرف الخلق يحبني أنا !! يحبني أنا ويريد أن يراني معه في الجنة !!

أتخيل لو رأيته ماذا سأقول له .. كيف أعرفه بنفسي .. هل سيعرفني أولا ؟ سيناديني بأسمي ؟ أريد أن أراه في الجنة .. سأحكي له أشياء كثيرة .. سأخبره أني كتبت عنه هذه التدوينة .. وسأخبره عنكم .. سأخبره.. كلا سأخبره بأسرار لن يعرفها غيرنا !

*يتبع

  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق