آية ليلة (2) : إيمان النّفع المُتعدّي

بسم الله الرحمن الرحمين

(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)

 

هنا يُرسي القرآن قانون صريح يبين فيه المهم والأهم, الظاهر أم الباطن, الشكليات أم المعاني.. وتبدو جليّة واضحة في الآية.. البر الحقيقي (ومعناه الإحسان للنفس بالالتزام بالطاعة وللغير بعمل الخير) لايكون مقياسه بالتزامك الظاهري فقط (وإن كان مهم), البر الحقيقي ماينبع من داخل قلبك, من إيمانك الذي يلزم “تغيير سلوكك” وإن لم تكن نتيجته واضحة على سلوكك فهنا يحتاج إلى إعادة نظر !!

 

البر الحقيقي هو ماتقدّمه لنفسك وللناس.. مايكون ثمرته “إحسان” لنفسك ولمجتمعك, بإيمانك الذي تترجمه بصيغة “فعل” يُؤثر ويتأثر به الغير.

 

البرّ الحقيقي نفعُه متعدي.. تؤمن بالله وملائكته والكتاب والنبيين, وحصيلته (آتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ), تزهد بماعندك لُسخّره لخدمة الغير.. للمستحقين عليك.

 

البرّ الحقيقي مايُقيم إخلاقك, مايرقى بك في تعاملاتك مع الناس (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) ثمرته : صدق+وفاء+إخلاص+أمانة.

 

البرّ الحقيقي مايهوّن عليك الدنيا ومصائبها (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ), ومن الحكمة الإلهية أن أتى الصبر في نهاية الآية وكأنه يقول إذا اطمأنّ الإيمان بقلبك وتشرّب الخير وارتقى بهمّه عن نفسه فقط وكان همّه مجتمعه ومن حوله, لن تستأثر المصائب به, لن تقدر عليه أصلا وإن أهمّته !

الصبر لايكون (بنقرة زِر).. الصبر يستلزم أعمال قلبية وظاهرية يكون الصبر من موجباتها.

لايستوطن همٌّ قلب إلا إن وجده فارغ.. وقلب المؤمن “البَرّ” ليس بفارغ, فإيمانه مُشغله بالارتقاء به وبأمّته.

 

(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) هنا تكتمل تركيبة المؤمن الحقيقي “الصادق“, المؤمن النافع, المؤمن الذي يكون إيمانه ليس مُحتكرًا بشكله وقوله فقط, بل مايظهر أثره على من حوله.

 

جعلنا الله منهم ووفقنا لما يحبه ويرضاه.

    • بسمة
    • 24 جويلية، 2012

    جميل ما كتبت ، لا حرمك الله الأجر ،ولو اجتهدت قليلا في تدقيقها نحويا لكانت أجمل .

    • عبدالله
    • 24 جويلية، 2012

    اشراقات جميله يالهنوف

    تسرب احرفك في زوايا الطرح للبحث عن اجمل مافي النفس وجعل هذا باسقاطات قرانيه يجذب القارئ للوصول لنهايه الطرح

    تنصيصك وتبريزك ( احسان.. صدق.. امانه..وفاء.. بر..اخلاص)
    كلها اجابيات داخل كل نفس يشعر المتلقي بسهوله الوصول لتلك الصفات لوجودها بكثره امامه

    وجه نظر

    دائما اكرر يعجبني زواياك الاجابيه بالطرح

  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق